اقدم جوامع ومساجد تاريخية


جامع محمد علي :
مسجد محمد علي هو مسجد بناه محمد علي باشا بداخل قلعة صلاح الدين بالعاصمة المصرية؛ القاهرة، ما بين الفترة م1830 إلى1848 .
ظلت القلعة منذ أنشأها صلاح الدين الأيوبى مقرا للحكم في الدولة الأيوبية ودولة المماليك، وفى عهد الولاة العثمانيين ثم في عهد الأسرة العلوية، واستمرت كذلك إلى عصر الخديوى إسماعيل حيث اتخذ قصر عابدين العامر مقرا للملك. وقد أخذ محمد على الكبير رأس الأسرة العلوية ومؤسس مصر الحديثة، بعد أن قام بإصلاح أسوار القلعة، وفى إنشاء القصور والمدارس ودواوين الحكومة بها، وتوج منشآته هذه بإنشاء مسجده العظيم الذى يشرف على مدينة القاهرة بقبابه ومآذنه رمز للعزة والسؤدد. وقد شرع في إنشائه سنة 1246 هجرية = 1830م على أطلال أبنية قديمة مخلفة من مبانى المماليك وتمت عمارته في سنة 1265 هجرية = 1848م، وفى عهد عباس باشا الأول تمت نقوشه وزخارفه. وقد بنى هذا المسجد على نسق المساجد العثمانية المشيدة في إستانبول، وتخطيطه مربع الشكل طول ضلعه 41 مترا، تغطيه في الوسط قبة كبيرة قطرها 21 مترا وارتفاعها 52 مترا محمولة على أربعة عقود كبيرة مرتكزة على أربعة أكتاف ضخمة، وحول هذه القبة أربعة أنصاف قباب، في كل جهة نصف قبة، وتغطى أركان المسجد أربع قباب صغيرة، ذلك عدا نصف قبة أخرى تغطى بروز القبلة الناتئ من الجنب الشرقى للمسجد. ويكسو جدرانه من الداخل والأكتاف الأربعة بارتفاع 11.30 متر كسوة من المرمر تعلوها نقوش ملونة، ويحلى القباب وأنصاف القبة زخارف بارزة منقوشة ومذهبة. وفى الجهة الغربية من المسجد تقوم دكة المبلغ وهي محولة على أعمدة وعقود من المرمر، واتخذ درابزينها ودرابزينات ممرات القباب من البرنز المشغول. وفى الركن الغربي القبلى منه يقع قبر محمد على الكبير تعلوه تركيبة رخامية مدقوق بها زخارف وكتابات جميلة، ويحيط به مقصورة من البرنز المشغول بشكل بديع، أمر بعملها عباس باشا الأول


مسجد سادات قريش :

جامع سادات قريش يقع بمدينة بلبيس وهو من أهم المعالم الإسلامية البارزة ويعتبر أقدم الجوامع بمصر. وقد أطلق عليه هذا الاسم تكريماً لشهداء المسلمين من صحابة رسول الله في معركتهم ضد الرومان عند فتحهم لمصر، ويذهب بعض المؤرخين إلى الاعتقاد بأن هذا المسجد هو أول مسجد بني في مصر وأفريقيا قبل مسجد عمرو بن العاص في مدينة الفسطاط ومسجد الرحمة في الإسكندرية
والمسجد مستطيل الشكل يحتوي على ثلاثة صفوف من الأعمدة الرخامية ومقسم إلي أربعة أروقة موازية لحائط القبلة، وتيجان الأعمدة مختلفة الأشكال، وتبلغ مساحته حوالي ثلاثة آلاف متر مربع وتم تجديد هذا المسجد في العهد العثماني على يد أمير مصر أحمد الكاشف الذي أنشأ المئذنة


مسجدالغوري :

مسجد السلطان الملك الأشرف قنصوه الغوري هو مسجد يقع بمنطقة الغورية (تقاطع شارعي الأزهر والمعز) بالقاهرة أحد أشهر معالم القاهرة التاريخية. أسسه السلطان قنصوه الغوري سنة 909هـ/1503 م...
يتكون من صحن مكشوف مربع تقريباً (12x11) متراً، تتعامد عليه الإيوانات من جهاته الأربع، ويحيط بدائر الصحن من أعلى شريط كتابي ثم أربعة صفوف من الدلايات الخشبية المموهة بالذهب. والإيوان الشرقي هو إيوان القبلة وفيه المحراب والمنبر.
الواجهة الشرقية للمسجد ضلعه الشرقي، وبهالرئيس الذي يصعد إليه بسلم مزدوج، ويتوج المدخل عقد مدائني ذو ثلاثة فصوص تملؤه سبعة صفوف من الدلايات البديعة. ويؤدي المدخل إلي ردهة مربعة بها بابان، أحدهما يؤدي إلى دهليز يوصل إلى حجرة مستطيلة، والثاني يؤدي إلى دهليز يأخذك إلى صحن المسجد.

و تقع المئذنة في الطرف الجنوبي الشرقي للمسجد، وهي من أروع وأجمل مئاذن القاهرة، حيث أنها ضخمة مربعة البناء مثل المئاذن الأندلسية، تتكون من ثلاثة أدوار، تنتهي بملحمة فنية بديعة، حيث يعلو الدور الثالث مربع يحمل خمسة رؤوس كمثرية الشكل تحمل كل منها هلالاً نحاسياً


المسجدالأقصى :

المسجد الأقصى هو واحد من أكثر المعالم قدسية عند المسلمين، حيث يعتبر أولى القبلتين في الإسلام. يقع المسجد الأقصى داخل البلدة القديمة لمدينة القدس في فلسطين. وهو اسم لكل ما دار حول السور الواقع في أقصى الزاوية الجنوبية الشرقية من المدينة القديمة المسورة، ويعد كل من مسجد قبة الصخرة والجامع القبلي من أشهر معالم المسجد الأقصى.
وقد ذكر في القرآن حيث قال: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾(سورة الإسراء-1:). وهو وأحد المساجد الثلاثة التي تشد الرحال إليها، كما قال رسول الله محمد " لا تشدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجدي هذا (المسجد النبوي)، ومسجد الأقصى"(البخاري 1189 ومسلم 1397 واللفظ للبخاري). يطلق العامة تسمية "الحرم القدسي الشريف" على المسجد الأقصى، ولكنها تسمية خاطئة لا تصح، ففي الإسلام حرمان فقط متفق عليهما هما: المسجد الحرام والمسجد النبوي.
يقدس اليهود أيضا نفس المكان، ويطلقون اسم "جبل الهيكل" على ساحات المسجد الأقصى نسبة لهيكل النبي سليمان المفترض. وتحاول العديد من المنظمات اليهودية المتطرفة التذرع بهذه الحجة لبناء الهيكل حسب معتقدها...

موقع المسجد داخل أسوار البلدة القديمة بالقدس
المسجد الأقصى هو المنطقة المحاطة بالسور المستطيل الواقعة في جنوب شرق مدينة القدس المسورة والتي تعرف بالبلدة القديمة. وتبلغ مساحة المسجد قرابة الـ 144 دونماً ويشمل قبة الصخرة والمسجد الأقصى حسب الصورة المرفقة، وعدة معالم أخرى يصل عددها إلى 200 معلم. ويقع المسجد الأقصى فوق هضبة صغيرة تسمى هضبة موريا وتعتبر الصخرة هي أعلى نقطة في المسجد وتقع في موقع القلب بالنسبة للمسجد الأقصى الشريف.
وتبلغ قياسات المسجد: من الجنوب 281م ومن الشمال 310م ومن الشرق 462م ومن الغرب 491م. وتشكل هذه المساحة سدس مساحة البلدة القديمة، وهذه الحدود لم تتغير منذ وضع المسجد أول مرة كمكان للصلاة بخلاف المسج الحرام والمسجد النبوي اللذان تم توسعيهما عدة مرات.
وللمسجد الأقصى أربعة عشر باباً منها ما تم إغلاقه بعد أن حرر صلاح الدين الأيوبي القدس وقد قيل عددها أربع وقيل خمسة أبواب منها: باب الرحمة من الشرق، وباب المنفرد والمزدوج والثلاثي الواقعة في الجنوب. وأما الأبواب التي ما زالت مفتوحة فهي عشرة أبواب هي: باب المغاربة (باب النبي)، باب السلسلة، باب المتوضأ (باب المطهرة)، با القطانين، باب الحديد، باب الناظر، باب الغوانمة وكلها في الجهة الغربية. ومنها أيضاً باب العتم (باب شرف الانبياء)، باب حطة، وباب الأسباط في الجهة الشمالية.
وللمسجد الأقصى أربعة مآذن هي مئذنة باب المغاربة الواقعة الجنوب الغربي، مئذنة باب السلسلة الواقعة في الجهة الغربية قرب باب السلسلة، مئذنة باب الغوانمة الواقعة في الشمال الغربي، ومئذنة باب الأسباط الواقعة في الجهة الشمالية.
سبب التسمية :

المسجد الأقصى هو الاسم الإسلامي الذي سماه الله لهذا المكان في القرآن حيث قال:

سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
( سورالإسراء أيه 1)

ومعنى الاسم الأقصى أي الأبعد والمقصود المسجد الأبعد مقارنة بين مساجد الإسلام الثلاثة أي أنه بعيد عن مكة والمدينة على الأرجح.
وقد كان المسجد الأقصى يعرف ببيت المقدس قبل نزول التسمية القرآنية له، وقد ورد ذلك في أحاديث النبي حيث قال في الحديث الذي رواه الإمام أحمد بن حنبل في حديث الإسراء :
روي عن أنس بن مالك في مسند أحمد :

(أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ، فَرَكِبْتُهُ فَسَارَ بِيحَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَرَبَطْتُ الدَّابَّةَ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ فِيهَا الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ دَخَلْتُ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجْتُ فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍوَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ قَالَ جِبْرِيلُ: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ...)

وكانت منطقة القدس تعرف أيضاً في تلك الفترة باسم إيلياء. وكل هذه الأسماء تدل على عظمة وقدسية وبركة المسجد الأقصى بالنسبة للمسلمين


الجامع الأزهر :

الجامع الأزهر (359~361 هجرية)/ (970~975 م). هو من أهم المساجد في مصر وأشهرها في العالم الإسلامي. وهو جامع وجامعة منذ أكثر من ألف عام، بالرغم من أنه أنشأ لغرض نشر المذهب الشيعي عندما تم فتح مصر على يد جوهر الصقلي قائد المعز لدين الله أول الخلفاء الفاطميين بمصر، إلا أنه حاليا يدرس الإسلام حسب المذهب السني. وبعدما أسس مدينة القاهرة شرع في إنشاء الجامع الأزهر وأتمه في شهر رمضان سنة 361 هجرية = 972م فهو بذلك أول جامع أنشى في مدينة القاهرة وهو أقدم أثر فاطمي قائم بمصر. وقد اختلف المؤرخون في أصل تسمية هذا الجامع، والراجح أن الفاطميين سموه بالأزهر تيمنا بفاطم الزهراء بنت الرسول وإشادة بذكراها.
جامعا ومدرس لتخريج الدعاة الفاطميين, ليروجوا للمذهب الإسماعيلي الشيعي (الشيعة السبعية) الذي كان مذهب الفاطميين. وكان بناؤه في اعقاب فتح جوهر لمصر في 11 شعبان سنة 358 هـ /يوليو 969م. حيث وضع أساس مدينة القاهرة في 17 شعبان سنة 358 هـ لتكون العاصمة للدوة الفاطمية القادمة من المهدية بتونس ومدينة الجند غربي جبل المقطم. ووضع أساس قصر الخليفة المعز لدين اللَّه وحجر آساس الجامع الأزهر في 14 رمضان سنة 359 هـ /970م



المسجدالنبوي :
يقع في المدينة المنورة موقع القلب من الجسد، ويرتفع عن مستوى سطح البحر 597 م وعلى خط طول 39درجة و36دقيقة، وخط عرض 24 درجة و28دقيقة.
يحده من الشمال ميدان الباب المجيدي وشارع السحيمي، ومن الجنوب حارة دروان، وشارع درب الجنائز ومن الشرق حارة الأغوات، ومن الغرب ميدان باب السلام المؤدي إلى شارع الحسينية وشارع العيينة وشارع السوق.
هو ثاني مسجد بناه رسول الله(ص) في السنة الأولى من الهجرة ـ الأول هو مسجد قباء ـ وكانت أرض المسجد عند مقدم الرسول(ص) من قباء إلى المدينة مربداً (مكاناً لتجفيف التمر) لغلامين يتيمين اسمهما "سهيل وسهل" كانا في حجر أسعد بن زرارة، ولما نزل الواحة التي في المدينة، كان الصحابة كل يريد أن يأخذ بزمام ناقته (القصواء) ليكون ضيفه ونزيله، ولكن الرسول(ص) كان يقول: "خلوا سبيلها فإنها مأمورة"، ولما بركت عند موضع مسجده وهو يومئذٍ يصلي فيه رجال من المسلمين قال(ص): "هنا المنـزل إن شاء الله تعالى" ثم دعا بالغلامين وابتاع المربد منهما بعشرة دنانير وأبى أن يقبله هبة منهما، وهمّ ببنيانه ليكون مسجداً ومصلّى وكان(ص) يحمل بنفسه اللبن مع الصحابة، وقد استغرق بناء المسجد 7 أشهر، وقيل عاماً، وقيل شهراً واحداً.
خطط الرسول(ص) أرض المسجد فجعل طوله 50م وعرضه49م وجعل القبلة إلى بيت المقدس، وحفر أساسه وسقفه بالجريد وجعل عمده جذوع النخل وجعل له ثلاثة أبواب، باب في مؤخرة المسجد وكان يقال له باب عاتكة أو باب الرحمة وباب جبريل وهو الذي يدخل منه الرسول(ص)، وجعل في مؤخرة المسجد مكاناً
مظللاً يعرف "بالصفة"، وهو المكان الذي كان يأوي إليه الغرباء والمساكين، ولم يسقف الرسول(ص) كل المسجد، وكان إذا نزل المطر يسيل مختلطاً بطين السقف على المصلين.
ولما طلبوا من الرسول(ص) أن يزيد الطين على سقفه، رفض وقال: "لا، عريش كعريش موسى"، ولم يكن المسجد مفروشاً في بداية أمره ولكنه فرش بالحصى بعد ذلك.
سنة 3هـ وعندما حولت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، حدث تغيير في المسجد، إذ تحوّلت الصفّة من الجنوب إلى شمال المسجد، وأغلق الباب الذي في مؤخرته وفتح باب جديد في شماله، وقد جرت توسيعات كثيرة على المسجد كانت آخرها في سنة 1373هـ 1955م، بلغت معه مساحة المسجد إلى 160366م


المسجدالحرام :

يقع المسجد الحرام في مكة وهي مدينة في جزيرة العرب ترتفع عن سطح البحر بنحو 330متراً ويرجع تاريخ عمارتها إلى عهد إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل عليهما السلام ، وفيها ولد نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم وفيها مهبط الوحي أول ما نزل ، ومنها شع نور الإسلام وبها المسجد الحرام وهو أول مسجد وضع للناس في الأرض لقوله تعالى : { إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين } (آل عمران : 96) وثبت في صحيح مسلم عن أبي ذر قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أول مسجد وضع في الأرض قال : المسجد الحرام قلت : ثم أي قال : المسجد الأقصى قلت : كم بينهما قال : أربعون عاماً . وتقع الكعبة - وهي قبلة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها - وسط المسجد الحرام تقريباً ويبلغ ارتفاعها خمسة عشر متراً وهي على شكل حجرة كبيرة مربعة البناء على وجه التقريب وقد بناها إبراهيم الخليل عليه السلام بأمر من الله تعالى : قال عز وجل : ( وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) سورة الحج ، ومعنى بوأنا : أي أرشده إليه وسلّمه له وأذن له في بنائه : تفسير ابن كثير ، وقال تعالى : { وإذا يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل } البقرة :127 .

وعن وهب بن منبه قال : .. بناها إبراهيم عليه السلام ثم العمالقة ثم جرهم ثم قصي بن كلاب وأما بنيان قريش له فمشهور .. وجعلوا يبنونها بحجارة الوادي تحملها قريش على رقابها فرفعوها في السماء عشرين ذراعاً .. ، وكان بين بنيان الكعبة وبين ما أنزل عليه خمس سنين وبين مخرجه وبنائها خمس عشرة سنة ذكره عبد الرزاق عن معمر عن عبد الله بن عثمان عن أبي الطفيل وذكر عن معمر عن الزهري : حتى إذا بنوها وبلغوا موضع الركن اختصمت قريش في الركن أي القبائل تريد رفعه ؟ حتى شجر بينهم فقالوا تعالوا نحكّم أول من يطلع علينا من هذه السكة فاصطلحوا على ذلك فطلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غلام عليه وشاح نمرة فحكّموه فأمر بالركن فوضع في ثوب ثم أمر سيد كل قبيلة فأعطاه ناحية من الثوب ثم ارتقى هو فرفعوا إليه الركن ، فكان هو يضعه صلى الله عليه وسلم

وروى مسلم (2374) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْجَدْرِ أَمِنْ الْبَيْتِ هُوَ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَلِمَ لَمْ يُدْخِلُوهُ فِي الْبَيْتِ قَالَ إِنَّ قَوْمَكِ قَصَّرَتْ بِهِمْ النَّفَقَةُ قُلْتُ فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا قَالَ فَعَلَ ذَلِكِ قَوْمُكِ لِيُدْخِلُوا مَنْ شَاءُوا وَيَمْنَعُوا مَنْ شَاءُوا وَلَوْلا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ لَنَظَرْتُ أَنْ أُدْخِلَ الْجَدْرَ فِي الْبَيْتِ وَأَنْ أُلْزِقَ بَابَهُ بِالأَرْضِ .

وقد تعرضت الكعبة قبل الإسلام ( في عام ولادة النبي صلى الله عليه وسلم ) للغزو من قبل أبرهة الحبشي وذلك عندما بنى القُليس وهي الكنيسة التي أراد أن يصرف إليها حج العرب فخرج بجيش ومعهم الفيل فلما وصلوا إلى مكة أرسل الله عليهم طيراً أبابيل مع كل طائر منها ثلاثة أحجار يحملها ، حجر في منقاره وحجرين في رجليه أمثال الحمص والعدس لا تصيب منهم أحداً إلا هلك ففني الجيش وهلكوا بأمر الله عزّ وجلّ .
وقد ذكر الله تعالى هذه الحادثة في كتابه فقال عزّ وجلّ : { ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ، ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيراً أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول } انظر السيرة النبوية لابن هشام (1/44-58) .

ولم يكن هناك سور يحيط بمسجد الكعبة حتى صارت الحاجة تدعو إلى ذلك ، قال ياقوت الحموي في "معجم البلدان"(5/146) . ما يحيط بالكعبة كان أول من بناه عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولم يكن له في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر جدار يحيط به وذاك أن الناس ضيّقوا على الكعبة وألصقوا دورهم بها فقال عمر : إن الكعبة بيت الله ولا بد للبيت من فناء وإنكم دخلتم عليها ولم تدخل عليكم ، فاشترى تلك الدور وهدمها وزادها فيه وهدم على قوم من جيران المسجد أبوا أن يبيعوا ووضع لهم الأثمان حتى أخذوها بعد ، واتخذ للمسجد جداراً دون القامة فكانت المصابيح توضع عليه ، ثم كان عثمان فاشترى دوراً أُخَر وأغلى في ثمنها ..
ويقال إن عثمان أول من اتخذ الأروقة حين وَسّع المسجد .. فلما كان ابن الزبير زاد في إتقانه لا في سعته وجعل فيه عَمَداً من الرخام وزاد في أبوابه وحسنها فلما كان عبد الملك بن مروان زاد في ارتفاع حائط المسجد وحمل إليه السواري من مصر في البحر إلى جدة واحتملت من جدة على العجل إلى مكة وأمر الحجّاج بن يوسف فكساها ولما ولي الوليد بن عبد الملك زاد في حليتها وصرف في ميزابها وسقفها .. فلما ولي المنصور وابنه المهدي زاد أيضاً في إتقان المسجد وتحسين هيئته . وهكذا

وفي المسجد من الآثار الدينية مقام إبراهيم وهو الحَجَر الذي كان يقف عليه إبراهيم الخليل عليه السلام أثناء بناء الكعبة . وكذلك بئر زمزم وهي نبع من الماء أخرجه الله تعالى لهاجر وولدها إسماعيل عليه السلام لما عطش ، ولا يُنسى أيضا الحجر الأسود والركن اليماني وهما ياقوتتان من يواقيت الجنة . كما روى الترمذي وأحمد عن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرٍو قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ الرُّكْنَ وَالْمَقَامَ يَاقُوتَتَانِ مِنْ يَاقُوتِ الْجَنَّةِ طَمَسَ اللَّهُ نُورَهُمَا وَلَوْ لَمْ يَطْمِسْ نُورَهُمَا لأَضَاءَتَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ " سنن الترمذي 804

ويجاور المسجد الحرام جبلي الصفا والمروة ، ومن خصائص المسجد الحرام أنّه المسجد الوحيد الذي يُحجّ إليه في الأرض ، قال الله تعالى : ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158) سورة البقرة ، ومن خصائصه أنَ الله جعله آمنا والصلاة فيه بمائة ألف صلاة ، قال الله تعالى : ( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) سورة البقرة ، وقال تعالى : ( فِيهِ ءايَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ ءامِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97) سورة آل عمران

0 التعليقات:

إرسال تعليق